دائماً ما تثير لفظة " قاتل متسلسل" اهتمام الجمــيع ونفــــورهم في ذات الوقت!..
لكنه الاهتمام بسبر أغوار هؤلاء الناس لمعرفة الدافع النفسي
والظاهرة غير الطبيعية التي تؤدي بشخص ما ليقتل أكبر عدد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم..
وسنحاول هنا معرفة الأسباب والدوافع التي تحرك القتلة المتسلسلين بعرض أشهر القتلة المتسلسلين عبر التاريخ..
ولكن دعونا أولاً نعرف.. من القاتل المتسلسل؟
***********************
يصف مكتب إحصائيات القضاء الأمريكي (Bureau of Justice Statistics) القاتل المتسلسل بأنه "الشخص الذي يقتل ثلاث ضحايا فأكثر في أماكن منفصلة بفارق زمني غير محدد المدة".
بمعنى أن القاتل المتسلسل هو شخص ذو تاريخ من حوادث القتل المتعددة وغير المعد لها مسبقاً.. تلك الظاهرة بدأت في النصف الأخير من القرن العشرين إذا استثنينا حالة واحدة مسجلة في التاريخ للكونتيسة (إليزابيث باثوري) المتوفية عام 1614، والتي دارت الأساطير حول دمويتها وساديتها وقتلاها الذي تحكي الأساطير أنهم يقربون من ستمائة شخص..
ومن أوائل القتلة المتســلسلين في سجــلات التــاريخ الحــديث اللنــدني "جـــاك السفاح" عــام 1888
وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر البلاد ابتلاء بهذا النوع من القتلة؛ حيث يتركز فــــيها نـــسبــة 76% منهم.. ولا يــزالون في ازديــــاد، طبقاً للإحصائيات فقد زادت نسبة القتلة المتسلسين في أمريكا بنسبة 94% في الثلاثين سنة الأخيرة.. ويتوقع الخبراء إذا استمرت الزيادة على هذا المنوال أنه سيكون هناك 11 ضحية يومياً للقتلة المتسلسلين.
احترس!.. جارك قاتل متسلسل..
*****************
صفات القاتل المتسلسل
************
على عكس ما يتصور السواد الأعظم من الناس عن القتلة المتسلسلين فإنهم يبدون طبيعيين تماماً في تعاملهم مع المجتمع، ومن الصعب جداً معرفة أن الجار اللطيف أو مدرس الرياضيات الهادئ هو في الحقيقة قاتل متسلسل!
وأشهر مثال من القتلة المتسلسلين ممن ينطبق عليهم هذا الكلام هو "تيد بندي" وسيأتي الحديث عنه بالتفصيل لاحقاً.. رجل وسيم ساحر يملك روحاً مرحة ويعيش حياة طبيعية جداً.. ولم يشك أحداً فيه أو يصدق حتى لحظة القبض عليه أنه ذلك الوحش!..
وغالبا ما يكون القاتل المتسلسل ذكراً أبيض البشرة، يتراوح سنه ما بين الخامسة والعشرين والخامسة والثلاثين، مستوى ذكائه متوسط (أحياناً أقل من المعدل الطبيعي وأحياناً أكبر)، لا يشترط انتماؤه لفئة معينة من المجتمع.. يمكن أن يكون من الأغنياء أو الفقراء، أعمار ضحاياه متفاوتة إلى حد كبير، ليس هناك أي رابط بينه وبين ضحاياه
(ليس هناك دوافع كراهية أو انتقامية ضدهم)، يمثل ضحاياه له رمزاً ما في عقله مما يصنع الرابط الذي يدفعه لقتلهم.
كيف نحدد نوع الجريمة؟
************
تصنف الجريمة عادة كجرائم للقتل المتسلسل كالآتي:
**************************
عندما ترتكب أكثر من جريمة يكون العامل المشترك بينها ألا يكون هناك أية علاقة تربط القاتل بالضحية..
يكون غالباً موعد ارتكاب الجريمة ومكانها مختلفين عن الجرائم السابقة، وألا يكون هناك ما سرق من الضحية..
أي أن الجريمة ليست لدافع السرقة..
وغالباً ما يكون ضحايا القاتل المتسلسل من المهمشين اجتماعياً أو من غير القادرين على الدفاع عن أنفسهم لوضاعة شأنهم أو لضعفهم الجسدي (مثل: العاهرات، والمشردين من المهاجرين غير الشرعيين، والشواذ جنسياً، والأطفال التائهين، أو السيدات المسنات العوانس).
هناك فرق!..
الفارق بين القاتل المتسلسل والعشوائي والهوسي
************************
مصطلح "قاتل متسلسل" ظهر لأول مرة لوصف "تيد بندي"، القاتل الأمريكي الذي قتل حوالي مائة شخص في فترة زمنية قدرها خمس سنوات ما بين عامي 1974 و1979..
دائماً ما يترادف مصطلحي "قاتل متسلسل" (Serial Killer) و"قاتل عشوائي" (Mass Murderer).. إلا أن خبراء علم الجريمة لهم رأي آخر!.. فهم يرون فارقاً كبيراً بين المصطلحين..
القاتل المتسلسل.. هو القاتل الذي يترك فترة زمنية طويلة نسبياً بين كل ضحية والأخرى.. يكون القاتل عادةً في تلك الفترة بين كل جريمة والأخرى في حالة نفسية سوية كأي شخص عادي..
أما القاتل العشوائي.. فهو يقتل عدداً من الأشخاص في نفس الوقت، كمن يقتحم مكاناً ليفرغ مدفعه الرشاش في كل من يعترض طريقه.. وأفضل مثال للقتلة العشوائيين يكون غالباً في الحروب..
حيث تكثر المذابح والإبادات العِرقية وما إلى ذلك.. كما يحدث في فلسطين على سبيل المثال!..
وهناك أيضاً نوع آخر من القتلة يسمى "القاتل الهوسي".. وهو كالقاتل المتسلسل يقتل واحداً أو اثنين في المرة.. لكنه لا يترك وقتأً بين كل جريمة والأخرى.. والفارق بينه وبين القاتل المتسلسل أن القاتل المتسلسل دوافع القتل لديه تتلخص في استدراج الضحية للموت، أما القاتل الهوسي فدافعه هو أن يذهب للصيد.. ومن أشهر الأمثلة للقاتل الهوسي "هوارد أونروا" الأمريكي الذي عاد لبيته في نيو جيرسي ليكتشف أن بوابة الحديقة قد تمت سرقتها.. ليدخل لسحب سلاحه من البيت ويخرج للشارع ليطلق النار على 26 شخصا مات منهم 13 وأصيب الآخرون بجروح متفرقة..
وللقتلة أنواع!..
********
دوافع القاتل المتسلسل:
***********
القاتل المتسلسل ما هو إلا قاتل متسلسل.. أليس كذلك؟
خطأ!!..
فهناك أنواع للقتلة المتسلسلين حسب الدوافع طبقاً لتصنيفات الخبراء..
وهناك أربعة تصنيفات أساسية لهم:
1 – (هم) قتلوا!..
**********
ويسمى بقاتل الرؤى (Visionary).. هذا النوع غالباً ما يكون مصاباً بانفصام الشخصية والذهان (اضطراب عقلي).. ودائماً ما يتوهم أن (هم) من دفعوه للقتل.. و(هم) يوجهون حياته عن طريق سماعه لأصواتهم داخل عقله المريض..
وغالباً لا يسلم القاتل من هذا النوع نفسه للشرطة أبداً.. لأنه لا يؤمن حقيقةً أن (هو) من ارتكب تلك الجرائم.. (هم) فعلوا!..
2 – مهمة من السماء..
************
ويسمى بالقاتل المكلف بمهمة (Mission-Oriented).. وغالباً ما يؤمن القاتل من ذلك النوع بأن مهمته هي تخليص العالم من العناصر الفاسدة والتي لا تحدث فارقاً في سير الحياة.. وغالباً ما يمتزج بشعوره أنه المُخَلٌِص أو المسيح القادم لينقذ العالم..
وهذا النوع يكون غير واعِ للعالم من حوله.. منفصل تماماً عن المجتمع حتى وإن أظهر اندماجه فيه..
3 – قتل للقتل! ..
**********
يصطلح على تسميته القاتل بدافع الاستمتاع (Thrill-Oriented).. وذلك النوع يقتل لمتعته الشخصية.. وكلما استمر في القتل كلما زادت لذته..
وهذا النوع من القتلة مريض غالباً بالسادية (حب تعذيب الآخرين)..
4 – سادية مطلقة!..
***********
ويسمى بقاتل الشهوة (Lust).. ويقتل هذا النوع لإشباع رغبته الجنسية.. هذا النوع هو أعنف أنواع القتلة المتسلسلين.. فهو يتلذذ بتعذيب الضحية والتمثيل بها بعد موتها بأبشع الطرق..
وللأسف فإن القاتل من هذا النوع صعب جداً القبض عليه..
فهو يتمتع بالذكاء الاجتماعي الشديد.. ومن المستحيل تقريباً التفرقة بينه وبين أي شخص عادي لكثرة اختلاطه بالناس وعدم ظهور ساديته على الملأ..
عموماً فدوافع القاتل المتسلسل في أغلب الأحيان ناتجة عن دوافع سادية.. وغالباً ما يصنف كسيكوباثي (كاره للمجتمعات وغير قادر على التعاطف والإحساس بمعاناة الآخرين)..
ويقوم بعض القتلة المتسلسلين بتعذيب ضحاياهم قبل القتل أو التمثيل بجثثهم بعد القضاء عليهم..
وعلى الرغم من تفاوت دوافع القتلة المتسلسلين كما سنرى لاحقاً فإن القاتل المتسلسل لا يتوقف أبداً عن قتل ضحاياه إلا إذا تمت إعادة تأهيله أو القبض عليه..
أما غير ذلك فإن القاتل سيستمر في إهلاك أرواح ضحاياه حتى لو كان الفارق الزمني بين كل ضحية والأخرى سنوات.. وتلك قاعدة عامة في نفسية القتلة المتسلسلين إلا في استثناءات نادرة..
وفي العديد من محاكمات القتلة المتسلسلين يكون الحكم بأن القاتل ليس مذنباً لدوافع جنونه..
وقليلاً ما صدر الحكم على أحدهم بالإعدام.. وفي معظم الحالات تمر شهور طويلة أو سنوات للقبض على قاتل متسلسل..
على حسب الفترات الزمنية التي يقتل بينها واكتشاف الشرطة للدافع الذي يقتل من أجله...